العرب قبل الإسلام وبعده.
2ـ توفر الأمن والطمأنينة في المجتمع الموحد الذي يدين بمقتضى
لا إله إلا الله لأن كلاً من أفراده يأخذ ما أحل الله له ويترك ما حرم
الله عليه تفاعلاً مع عقيدته التي تملي عليه ذلك فينكف عن الاعتداء
والظلم والعدوان ويحل محل ذلك التعاون والمحبة والموالاة في الله
عملاً بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [سورة الحجرات: 10].
يظهر هذا جليًا في حالة العرب قبل أن يدينوا بهذه الكلمة وبعدما
دانوا بها – فقد كانوا من قبل أعداء متناحرين يفتخرون بالقتل والنهب
والسلب فلما دانوا بها أصبحوا أخوة متحابين كما قال تعالى: {
مُّحَمَّدٌ
رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [سورة
الفتح: 29].
وقال تعالى: {
وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [سورة آل عمران: 103].
3ـ حصول السيادة والاستخلاف في الأرض وصفاء الدين والثبوت
أمام تيارات الأفكار والمبادئ المختلفة – كما قال تعالى: {
وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}
[سورة النور: 55] فربط سبحانه حصول هذه المطالب العالية
بعبادته وحده لا شريك له الذي هو معنى ومقتضى لا إله إلا الله.
4 ـ حصول الطمأنينة النفسية والاستقرار الذهني لمن قال لا إله إلا
الله وعمل بمقتضاها لأنه يعبد ربًا واحدًا يعرف مراده وما يرضيه
فيفعله ويعرف ما يسخطه فيجتنبه بخلاف من يعبد آلهة متعددة كل
واحد منها له مراد غير مراد الآخر وله تدبير غير تدبير الآخر كما قال
تعالى: {أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [سورة يوسف:
39].
وقال تعالى: {
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً
سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} [سورة الزمر: 29].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: هذا مثل ضربه الله سبحانه
للمشرك والموحد، فالمشرك بمنزلة عبد يملكه جماعة متنازعون
مختلفون متشاحون والرجل المتشاكس: السيئ الخلق.
فالمشرك لما كان يعبد آلهة شتى شبه بعبد يملكه جماعة
متنافسون في خدمته لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين، والموحد
لما كان يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد لرجل واحد قد سلم له
وعلم مقاصده وعرف الطريق إلى رضاه فهو في راحة من تشاحن
الخلطاء فيه، بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه مع رأفة مالكه
ورحمته له وشفقته عليه وإحسانه إليه وتوليه لمصالحه، فهل
يستوي هذان العبدان.
5 ـ حصول السمو والرفعة لأهل لا إله إلا الله في الدنيا والآخرة –
كما قال تعالى: {
حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا
خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}
[سورة الحج: 31]. فدلت الآية على أن التوحيد علو وارتفاع وأن